الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: غاية تلخيص المراد من فتاوى ابن زياد
.الإقرار بالنسب: (مسألة): أقر في صحته أو مرضه لآخر أنه وارثه لا وارث له سواه، أو أوصى أن فلان بن فلان وارثي بالفرض والتعصيب، ويجمعنا فلان ننسب إليه، ولم يعلم ذلك إلا بوصيته أو إقراره ولا بينة، فلا أثر لذلك، لأن المقر له إن كان معروف النسب فلا فائدة في إقراره هنا، وإن كان مجهول النسب فلا يصح أيضاً ما لم يفسره، لأنه قد يريد بقوله عصبتي أنه أخوه، وربما يريد أنه ابن عمه، ثم بعد التفسير ينظر فيه، فإن قال: هو أخي يجب أن يكون هو جميع وارث أبيه، وإن قال: عمي فيكون جميع وارث جده، فإن كان ابن عمه يجب أن يكون هو جميع وارث عمه ليصح منه الإقرار بالنسب على طريق الخلافة عنه، ثم الميراث مبني عليه عندنا، ذكره القفال في فتاويه وهو المعتمد خلافاً لبعض المتأخرين، ولا بد من إثبات أنه وارث حائز. (مسألة): أقر شخص بأنه لم تكن له إلا بنت واحدة وشهدت بذلك بينة، ثم بعد ذلك أقر بأن له ابناً وبنتاً في جهة الهند، قبل منه الإقراران، ولا ينتفي الإقرار الثاني بمجرد إقراره الأول، لأن النسب حق لله تعالى لا ينتفي بمثل ذلك، بل لو نفى ولده باللعان ثم استلحقه لحقه. (مسألة): ادعى زيد أنه ابن عم عمرو ووارثه، وأقام بينة شهدت له بأن عمراً أقر بأن زيداً المذكور ابن عمه ووارثه، فلا أثر لإقرار عمرو، فلا يثبت به نسب ولا إرث حتى تتوفر شروط الإلحاق بالغير، ومنها أن تتعرض البينة لكون المقر المذكور كان وارثاً حائزاً لتركة الملحق به. .العارية: (مسألة): أفتى ابن عجيل وأقره السمهودي أنه إذا كانت بهيمة بين اثنين وانتفع بها أحدهما برضا صاحبه وتلفت في يده ضمن نصيب الآخر لأن ذلك عارية، وحكم ضمان ولدها حكم ضمان ولد المستعارة، ولو نهبت أو سرقت ضمن القيمة للحيلولة، فلو فداها فإن كان بإذن رجع وإلا فلا، فإن كان بينهما مهايأة كان حكمه حكم المستأجرة، ولو أعطاه بقرة وملكه أوأباحه درها ونسلها، فإن لم يشرط عليه علفها فعارية فاسدة مضمونة هي فقط لا الدر والنسل، وإن شرطه فبالعكس، لأن لها حكم الإجارة الفاسدة، وما أفتى به بعضهم فيما إذا شرط عليه العلف أنه يفصل بين قصد المعطي المتبرع على الآخر بنحو الدر فيضمن الدابة كالمستعارة، وبين قصده ذلك في مقابلة العلف، فلا تضمن كالإجارة الفاسدة ضعيف. (مسألة): ادعى المالك العارية فأنكر القابض وادعى الأمانة والحال أن العين تالفة، صدق المدعى عليه القابض بيمينه، كما اعتمده البلقيني والرداد. .الغصب: (مسألة): أرض سلطانية له فيها عناء محترم زادت به قيمة الأرض فهو ملكه وموروث عنه، فلو بسط أحد الورثة على الأرض بغير إذن الباقين لزمه أجرة مثل حصصهم من القدر الذي زادت به قيمة الأرض فقط، إذ هو المنتقل إليهم من مورثهم، وكذا لو كان تحت يد مورثهم وقف على قراءة أبيه مثلاً لم يجز لبعض الورثة الاستيلاء عليه من غير وصاية ونظر، خصوصاً إن كان فيه غبطة زائدة على أجرة القراءة. (مسألة): نصب شيخاً على أراض مزروعة لها أنهار صغار تنزع الماء من الوادي الكبير، تسقي الأراضي الأقنع فالأقنع ليعدل بين الناس بحسب الحقوق، وله على تلك الأنهار أراض، فصار يتطرق بذلك الماء ليتوصل به لسقي أرضه، فإذا سقيت أرضه تقدم إلى والي الأمر وليس عليه الأمر، وأماله إلى نقل الماء إلى نهر آخر، فيفعل فيه كما فعل في النهر الأوّل، فتضرّرت الرعايا ورسبت أراضيهم، وكل من تعرّض له منهم تهدده، ورفعه إلى والي الأمر وأغراه عليه بسبب ذلك، وقرائن حاله تدل على أنه يفعل ذلك ليعطوه أراضيهم بما يريده، فهذا الشيخ المذكور قد ارتكب أنواعاً من الفساد لا ترضى، ويصير بذلك خائناً للرعايا والسلطان، فاسقاً مأثوماً مردود الشهادة حتى يتوب، ويخاف عليه سوء الخاتمة، ولا يقبل قوله على الرعايا، ويجب عليه أجرة مثل أراضيهم مسقية، ولكل من خسر مالاً من الرعايا بسببه الرجوع عليه بجميع ما خسره، ويجب على والي الأمر قصره عن هذه الوظيفة وزجره وتعزيره. (مسألة): أمة تحت يد شخص وله منها أولاد، فادعى آخر أنها ملكه غصبت عليه وباعها الغاصب على المدعى عليه وأقام بذلك بينة، فإذا ثبت ذلك والحال أن المشتري جاهل بالحال، فعليه بالنسبة للوطء مهر ثيب وأرش بكارتها إن كانت بكراً، وأولاده أحرار نسيبون، وعليه غرم قيمة كل واحد منهم يوم الانفصال، وأرش ما نقص بالولادة، فإذا غرم ما ذكر رجع على الغاصب بقيمة الأولاد، وأرش نقص الولادة لا بالمهر. (مسألة): غصبت عليه أرض وهو ضعيف، فشرط لآخر سهماً معلوماً منها على أنه يخاصم ويقوم معه بالحجة وينزعه له من الغاصب، فجاء المشروط له السهم إلى آخر، وجعل له نصفه على أن يتعاونا في رد المغصوب، فالمرجح في ذلك أنه إن انتزعاها بعد المنازعة وإقامة الحجة استحق الأول أجرة المثل على مالك الأرض، واستحق المعين له أجرة مثل عمله على الشارط لا على المالك، وإن ردها الغاصب من غير منازعة لم يستحقا شيئاً. (مسألة): غصب شيئاً وخلطه بغيره ملكه، لكن يمتنع عليه التصرف فيه حتى يؤدي منه أو من غيره قدر المغصوب، كما قاله ابن المقري وغيره. (مسألة): الأفيون السالمة من العيوب مثلية، وأما المعيبة فمتقومة، صرّح ابن الصلاح أن المثلى المعيب متقوم. (مسألة): جعلته الدولة نقيباً على قوم من الرعية، أنه إذا كان للدولة مطلبة إن سلم الرعوى ما طلبه النقيب وإلا أمر الدولة بنهبه ضمن ذلك، فقد صرّح سلطان العلماء ابن عبد السلام فيمن سعى بغيره إلى ظالم فصادره، بأنه يرجع على الساعي بالمال الذي أخذ على المظلومين بسبب سعايتهم، وأفتى به الرداد قال: ويتعين العمل به في هذه الأعصار، وأفتى به الطنبداوي وقد أفتيت به مراراً، وهذا كما لو سعى بآخر إلى حاكم الدولة المعروف بالجور، فإنه يغرم ما غرمه المسعي به بسبب السعاية، وقول بعضهم إنه يغرم باطناً يعني أن السعاية لا تكون غالباً إلا خفية، فيغرم باطناً فيما بينه وبين الله، فلو فرض أنه أظهر السعاية وأعلن بها ضمن ظاهراً. (مسألة): سعى بقوم مسلمين إلى قوم آخرين على صورة الخداع، فأخدوا أموالهم وأرواحهم إن لم يوجد منه إلا مجرد الدلالة فلا غرم ولا قصاص، هذا هو المشهور، لكن يأثم بذلك إثماً عظيماً، ويستحق التعزير بما يراه الحاكم، وله أن يجمع بين نوعين فأكثر، ولا يبلغ به أدنى الحدود، فإن اعتقد حل الدلالة عليهم وإباحة أموالهم وأرواحهم فمرتد تجري عليه أحكامه. (مسألة): امتنع من الحضور بين يدي القاضي لمقابلة خصمه، فأذن القاضي للخصم أن يرفع أمره إلى حاكم السياسة، وتعين ذلك طريقاً إلى إحضاره، فما خسره الممتنع للحاكم وخدامه فلا يرجع به على أحد. (مسألة): استأجر ناخوداً لحمل معين مثلى في مركبه إلى الهند، فحمله في البحر، ثم خالف الريح ورماه في بلاد المهرة، فباعه الناخود من غير إذن وتلف بالبيع صار متعدياً، فإن طالبه المالك به في بلد التلف لزمه مثله، أو في غيرها لزمه قيمته يوم التلف في بلد البيع إن كان له قيمة، وليس للمالك تغريمه المثل وتكليفه نقله إلى الهند. (مسألة): غصب مالاً من دار مالكه وباعه على جماعة معينين، وجب على كل من وقعت يده على شيء من ذلك ضمانه ورده إلى مالكه إن بقي وبدله إن تلف، ويأثم المتعدي المذكور إن كان عالماً، ولا تقبل شهادته حتى يتوب توبة صحيحة، ومن شروطها رد ما وقع بيده لمالكه، ولو تعدى جماعة على الدار المذكورة ومالكها غائب، وأخذوا أبوابها، وغيروا سقوفها، ثم أجدروا بابها الخارج، ومنعوا مالكها عن دخولها، وبيعها بثمن مثلها، حتى ألجأوه إلى بيعها بثمن بخس، مع عدم رؤيته ما تغير منها، لم يصح البيع لعدم الرؤية، ويجب على المشتري أجرة مثل الدار مدة بسطه عليها بالشراء الفاسد، فلو أصلح فيها ما قد غير لم يستحق شيئاً، ويجب على والي الأمر نصر ذلك المظلوم والقيام معه، وزوال مثل هذه المفاسد، فإن بقاءها فضيحة موجبة لفاعلها، والرضى بها سوء الخاتمة والعياذ بالله. (مسألة): جنى على آخر فوقعت يد المجني عليه على مال للجاني فأخذه في قبل الجناية، فحبسه الجاني وأكرهه على تأجير ماله، وطلب منه زيادة على ما أخذه من ماله كثيرة لتغلبه، فتشفع جماعة من مناصب البلد في إطلاقه، فلم يرض إلا بأن يلتزم المحبوس بطريق النذر شيئاً، أو بأن يضمنوا له المال المطلوب ويبيعهم المحبوس شيئاً من ماله لكي يكون الثمن بذمتهم ففعلوا ذلك، لم يلزم المحبوس شيء مما التزمه، وكانت الإجارة والبيع باطلين للإكراه، وليس ذلك إكراهاً بحق، وما ترتب عليه من ضمان مناصب البلد والتزام الثمن للحابس باطل أيضاً، لأنه ضمان ما لم يجب، ولا يلزمهم تسليم شيء من المال، نظير ما لو امتنع الولي من تزويج موليته إلا بأن تعطيه شيئاً فأعطته إياه لم يملكه، وإن ملكته إياه بنحو نذر كما قاله الرداد، ويلزم المجني عليه رد ما وقعت يده عليه من مال الجاني، ويأثم بالتعدي المذكور. (مسألة): أرض موقوفة صالحة بحالها، وهي قطع متجاورات يسقى بعضها قبل بعض، ولا يتضرر بشيء منها لقلة ما تحويه من الماء، فجعلها شخص قطعة واحدة بلا إذن شرعي، فصارت تقبل ماء كثيراً، وربما خربت خراباً عظيماً لا يمكن جبره، وكان ما أحدثه سبباً من أسباب خرابها ونقصها عيناً وقيمة، فالمعتمد كما قاله العامري وجوب إعادتها كما كانت، ولا يستحق لما أحدثه من الزبير شيئاً، إذ لا حرمة لذلك مع التعدي. (مسألة): استأجر أرضاً لها مسقى من أرض أعلى منها، ولها زبيران من قبليها ومن يمانيها، فنسف المستأجر الزبير في معقم أقامه لها، ولا أرض أخرى أسفل منها لم تكن لإقامته عادة في ذلك المكان، وأخرج ترابها إلى المعقم المذكور، فانتقصت الأرض بذلك نقصاً فاحشاً، فللمالك إجباره على رده إن كان باقياً، ورد مثله إن تلف، ووضعه على هيئته كما كان من انبساط وارتفاع، وأرش نقصه إن بقي نقص. (مسألة): دور موقوفة تعدى بعض الموقوف عليهم ببيع أعيان منها على متغلب وتعذر استردادها منه، لزم المتعدي قيمتها للحيلولة، فإن قدر الناظر على الاسترداد بعد رد ما أخذه المتعدي. (مسألة): أرض ثلثاها من أعلاها لقوم، وثلثها الأسفل لآخرين، ولها مشرع نازع للماء من واد، وعادتهم أن يقتسموا الماء على قدر أراضيهم، فمنع أصحاب العلو أصحاب السفل من السقي ظلماً، فالذي نعتمده ويتعين الفتوى به تبعاً للبلقيني وابن أبي شريف والرداد ضمان منفعة الأرض لكونهم تسببوا في إبطالها، ويقاس عليه منع الظالم المالك من سقي أرضه كما عمت به البلوى. (مسألة): تضارب امرأتان ثم عفت إحداهما عن الأخرى، فشكت الأخرى إلى وال معروف بمصادرة من شكي به إليه، فصادر المشكو بها بمال معلوم بسبب الشكاية أثمت بذلك، لا سيما وقد تكرمت عليها الأخرى بالعفو عنها ورجعت عليها من صودرت. (مسألة): زرع مشترك بين اثنين أثلاثاً، فأتلف صاحب الثلث جميعه، فإن كان مما ينمو ويرجى منفعته غرم قيمة حصة صاحبه بتقويم عدلين من أهل الخبرة بتقدير بقائه والانتفاع به إلى مدة انتهائه، فيقال: كم يسوى لو أراد المشتري أن يشتريه من مالكه قبل أن يتلف على حاله، يرجى بقاؤه وسلامته وتمام زرعه وحصول غلته على ما يعتاده أهل الزرع في ذلك على غالب السلامة، ولا نظر لطرؤ آفة نادرة، فإذا قيل كذا لزمه ضمان ذلك به. (مسألة): تصرف أخو الميت في تركته وله محاجير بغير ولاية شرعية عليهم، ثم توفي فادعى الأطفال بعد رشدهم على وارثه فأنكر، فأقاموا بينة بتصرفه في ذلك وقبض ثمنه، وحلفوا يمين الاستظهار ضمن الأخ المذكور، ثم إن خلف تركة رجعوا فيها وإلا فلا. (مسألة): أرض موقوفة خربها رجل في أرضه تعدياً لأجل السقيا ولم يكن له عادة فالمعتمد أنه يجب عليه تسوية الأرض كما كانت قبل الكسر، وأرش النقص وهو ما بين قيمتها والماء فيها مستول عليها، وبين قيمتها الآن يابسة مكسرة، ويأثم بذلك ويعزر. (مسألة): بسط على بيت فسكنه مدة ثم وهبه زوجته فأعارته من يسكنه، فللمالك مخاصمة من شاء من المتعدين المذكورين، فيدعي البيت على من هو تحت يده ويدعي القيمة على غيره. (مسألة): لو زوَّج الغاصب الأمة المغصوبة فتلفت عند الزوج، فالمذهب كما في أوائل الغصب من الروضة أنه لا يطالب بقيمتها قطعاً، وقيل كالمودع، وفي الإرشاد وضمن آخذ من غاصب لا بنكاح. (مسألة): استولى أحد البنين على أعيان من التركة، فتصرف فيها وأتلفها، مدعياً أن أباه وهبه إياها حال صحته وعجز عن إقامة البينة، لزمه أقصى قيمتها من حين الاستيلاء إلى حين التلف حيث اختلفت قيمتها، وإلا فقيمتها يوم التصرف، ولا عبرة بالزيادة بعد. (مسألة): اختلفت الغاصبة والمالكة في قيمة المغصوب، فأقامت المالكة شاهداً بقدر القيمة، وأرادت تكميل حجتها بيمين أجيبت إلى ذلك، كما صرح به الغزي ونقله صاحب الأنوار عن أبي إسحاق. .الشفعة: (مسألة): ادعى المشتري تقصير الشفيع في الطلب، وأنكر الشفيع وقال: بل شفعت على الفور صدق الشفيع بيمينه، فلو كان للمشتري بينة غائبة واستمهل أمهل ثلاثة أيام، فإن مضت وحكم الحاكم ثم حضرت وشهدت نقض الحكم، وتقدم بينة الشفيع على بينة المشتري لأن معها زيادة علم. (مسألة): اشترى شقصاً من دار بنقد جيد، ثم علم الشفيع بعد سنين فشفع وأراد إعطاء نقد دون الأول، لم يجبر المشتري على أخذه وإن كان نقد البلد الآن، بل إن لم يوجد مثله عدل إلى قيمته، كما هو الأرجح في المسألة، وحيث اعتبرنا القيمة وكان نقد البلد المعدوم فضة قوّم بقيمته ذهباً كما هو معروف في محله. .القراض: (مسألة): قارض شخصاً وأذن له في السفر إلى جهة معينة، فسافر وباعه ورجع بالثمن فنهبت قافلته في الطريق وهو ملاحظ للمال لم يغب عن نظره لم يضمن. (مسألة): لا يصح القراض إلا على الدراهم والدنانير الخالصة لا المغشوشة ولا غيرها من سائر العروض، فإن عقد على ما يصح ومالاً دفعة واحدة كان لكل حكمه، ففيما يصح يكون الربح بينهما على ما شرطاه، وفيما لا يكون جميع الربح للمالك، وللعامل أجرة المثل ربح أم لا، وينفذ تصرفه في الجميع، ويده على الكل يد أمانة، فلا يضمن إلا بتقصير، ومنه أن يدفع المال إلى غيره بلا إذن مالكه، فيضمن المثلى بمثله، والمتقوم بأقصى قيمه من الدفع إلى التلف. (مسألة): قارض آخر على دنانير ذهب ليبيعها حالاً ويشتري بثمنها عروضاً للتجارة، فيكون الربح بينهما، ففعل العامل ثم مات بعد مدة فجأة، فلم توجد الأعيان التي اشتراها أو التي يمكن أن يشتريها بمال القراض، فلا ضمان في تركته، إذ لا تفسير، هذا حاصل ما حرره زكريا في عماد الرضا. .المساقاة: (مسألة): ساقاه على نخل مدة معلومة، وشرط المساقي في العقد أن يقرضه دراهم معلومة لم تصح المساقاة. (مسألة): ظاهر إطلاق حديث مسلم: «ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أكل منه صدقة، وما سرق منه له صدقة، ولا يرزؤه أحد أي ينقصه إلا كان له صدقة» أنه يثاب على ذلك، وإن لم يتلفظ بقوله ما أخذ من زرعي فهو صدقة، ومقتضاه أيضاً أنّ أجر ذلك يستمر ما دام الغراس أو الزرع باقياً مأكولاً منه، ولو مات غارسه أو زارعه وانتقل ملكه إلى غيره، ونكر مسلم في سياق النفي وزاد من الاستغراقية، وعم الحيوان ليدل على سبيل الكناية على أي مسلم كان حراً أو عبداً مطيعاً أو عاصياً يعمل أي عمل من المباح فينتفع بما عمله أي حيوان كان يرجع نفعه إليه ويثاب عليه. (مسألة): بيع النخل المساقى عليه بعد إثماره جائز، ويكون المتساقي مع المشتري كهو مع البائع، وليس للمشتري أن ينقص المتساقي من سهمه. (مسألة): ساقى رجلاً على عينه مدة معلومة، فليس له أي المتساقي أن يساقي غيره، فإن فعل ومضت المدة انفسخ العقد، والثمار جميعها لمالك النخل، وعليه زكاة الجميع، ولا شيء للمتساقي الأول مطلقاً، وأما الثاني فإن علم فساد العقد فلا شيء له أيضاً، وإن جهل الفساد فله أجرة مثل عمله على المتساقي الأول لتغريره لا على مالك النخل. .الإجارة: (مسألة): أجر دكاناً وشرط على المستأجر أن لا يقعد فيه إلا مزيناً بطلت الإجارة بالشرط المذكور. (مسألة): استأجر أرضاً مدة معلومة وبذر فيها شجر العطب فانقضت المدة وهو باق، فإن وقعت الإجارة على العطب أو أذن المؤجر في بذره كان المؤجر بالخيار، بين أن يبقي الشجر بأجرة المثل أو يتملكه بالقيمة أو يقلعه ويغرم أرش نقص قيمته، وهو ما بين قيمته ومقلوعاً. (مسألة): استأجر سحباً جديداً مدة فانقضت وبقي السحب عند المستأجر لم ينتفع به ولم يطلبه مالكه لم تلزمه أجرته حينئذ. (مسألة): الأرض البيضاء التي تصلح لمنافع كثيرة لا يصح تأجيرها مطلقاً، بل لا بد من ذكر ما ينتفع به منها، بخلاف ما لا تصلح إلا لانتفاع خاص كأرض السكنى، أو كان الغالب استئجارها له، وللمستأجر أن يبني بما جرت العادة ببنائه من خوص أو طين أو آجرّ عملاً بالعادة، وكذا له حفر البئر لأنه من كمال الانتفاع، كما قاله المزجد والرداد، وقال الناشري بامتناعه والتحقيق اعتبار العادة، ولا شك أن عرف زيد عدم الإذن ولا يريدون به عقد الإجارة، ومثلها السنداس المغلب فيه العادة، ولا فرق فيما ذكر بين الوقف والملك. (مسألة): استئجار الكافر للمسلم صحيح سواء الذمية والعينية، لكن مع الكراهة في الأخيرة، وحينئذ يؤمر بإزالة يده فيها بخلاف الذمية، إذ المسلم متمكن من العمل فيها بغيره. (مسألة): استأجر سواراً ليرهنه كان ذلك إجارة فاسدة، وتكون يد المستأجر عليه يد أمانة، وكذا يد المرتهن، لأن وضعه تحت يده مأذون فيه من جهة المالك. (مسألة): جرى الشيخان على أنه يكفي إطلاق الخدمة في إجارة الشخص لها، وأما إخراج الخادم من البلد والسفر به إلى غيرها فالمعتمد الرجوع فيها إلى عادة الخدام في تلك البلد وذلك الوقت، ويختلف أيضاً باختلاف مراتب المستأجرين ومراتب الأجراء، والذكورة والأنوثة، وعليه يحمل كلام من أطلق المنع ومن أطلق الجواز. (مسألة): استأجر آخر لحمل شيء معلوم إلى مكان معلوم، وشرط حمله في يوم كذا لم تصح الإجارة، لأن من شرط إجارة العين الشروع في العمل، ومن شرطها أيضاً عدم التقدير بالزمان والعمل معاً، إلا إن قصد التقدير بالعمل وذكر اليوم للتعجيل، كما لو كان ثوباً صغيراً يفرغ منه عادة في يوم فيصح التقدير بهما على الأوجه، ولو نهب الشيء المستأجر لحمله لم يضمنه الأجير، وإن كان سبب نهبه تأخيره العمل صحت الإجارة أو فسدت. (مسألة): استأجر شخصاً على حرث أرض فحرث بعضها وهرب أو امتنع من الإتمام، فإن كانت ذمية استأجر القاضي من ماله ثم اقترض، فإن تعذر ذلك أو كانت عينية فنسخ المؤجر، وللأجير قسط ما عمل، بأن يوزع المسمى على أجرة مثل جميع العمل. (مسألة): استأجر أرضاً موقوفة سنتين ليبني فيها صح، وليس للمؤجر ولا غيره قلع البناء قبل انقضاء المدة ولا أن يتملكه، فإن قلعه أثم ولزمه أرش نقصه، فإن انقضت المدة واقتضت المصلحة تبقيته بأجرة المثل وجب على الناظر إبقاؤه، وليس له أن يقلعه بالأرش إذا كان إبقاؤه أصلح. (مسألة): أرض موقوفة فيها عناء محترم، يستحقه شخصان على الشيوع مناصفة، وزادت به قيمة الأرض كزبر وتراب استوليا عليه مما ساقه الماء من التراب الجبلي المباح، كانا شريكين في الأرض بما زادت من قيمته، فليس للناظر إجارة نصفها من أحدهما، ولا جميعها منهما أو من أحدهما، ولا إجارتها لثالث وفيها العناء المذكور، إذ لا يتمكن مستأجرها من الانتفاع إلا بالمهايأة التي لا يدخلها الإجبار، والطريق في صحة تأجيرها أن يراضيهما الناظر في عنائهما ثم يؤجرها من شاء، وتجوز قسمة العناء المذكور وهي إفراز لاتحاد التراب. لا يقال: الأرض موقوفة ولا تصح قسمة الموقوف. لأنا نقول: القسمة ليست لذات الأرض، بل لما هو مملوك مما زاد من التراب الجبلي الذي ساقه ماء النهر، فهو نبع الماء في الإباحة، فيملكه من استولى عليه. (مسألة): استأجر أرضاً بعضها فارغ وبعضها مشغول بشجر الحور أو العطب مثلاً، صحت في الفارغ وبطلت في المشغول عملاً بتفريق الصفقة، فإن شغلت كلها لم تصح. (مسألة): لا يصح استئجار الأرض لرعي نباتها أو ليصنع من نباتها فرشاً ونحوه، لأن شرط الإجارة أن لا تتضمن استيفاء عين قصداً. (مسألة): استأجر أرضاً لإصلاح سهمين بسهم منها، وشرط عليه المؤجر في العقد أن يحرثها عودين حجراً روى لم تصح الإجارة بهذه الصورة لعدم اجتماع شروطها من رؤية الآلات والدواب التي يحرث بها وغير ذلك من الجهالة، وحينئذ إذا حرثها المستأجر بحسب الشرط المذكور، أو نقص عنه بأن حرثها عوداً روى وبذرها ببذرهما بحسب الشركة لزم المؤجر، حيث وقع العمل مسلماً له للمستأجر أجرة مثل عمله ودوابه في ثلثي الأرض الذي استعمله فيها، ويجب على المستأجر للمؤجر أجرة مثل ثلث الأرض الذي استعمله في بذره، والغلة بينهما بحسب البذر. (مسألة): بناء موضوع بحق في أرض وقف انقضت مدة إجارته، فأراد الناظر تأجير الأرض من غير مالك البناء لم يصح ما دامت مشغولة بالبناء، وليس له أن يقلعه، ويغرم الأرش حيث لا مصلحة للوقف فيه، ويحرم على غير مالك البناء بدل زيادة على أجرة المثل لأجل المصادرة، ولا يكلف صاحب البناء بذل الزيادة، ويجب على الناظر أن يؤجره بأجرة المثل، ولا عبرة بالزيادة المذكورة. (مسألة): استأجر آخر أن يكلم ولي الأمر في طلب وظيفة معينة مباحة شرعاً بأجرة معلومة، فإن كان في التكلم كلفة تقابل بأجرة بتردد ومراقبة وقت صحة الإجارة بالمسمى إن انضبطت الكلفة، وإلا استحق أجرة مثل عمله حصل المطلوب فيهما أم لا، وإن لم تكن كلفة أو استأجره بشرط حصول الوظيفة لم تصح، ولو نذر له بشيء على حصول الوظيفة صح النذر. (مسألة): أرض موقوفة مؤجرة بعضها لزيد وبعضها لعمرو، وقصد زيد مضاررة عمرو، فطلب من الناظر تأجير ما تحت يده بأكثر من أجرة المثل رغبة في أن يدعها كلها عمرو له ويأخذها بالزيادة المبذولة أثم بذلك، ولم يجز للناظر المذكور موافقته، بل لا تصح الإجارة والحال ما ذكر، لأن الناظر مأمور بما فيه حظ ومصلحة للوقف، ومن ذلك أنه ليس له التصرف بما يقلل الرغبات فيه، وإن ظهر بذلك مصلحة عاجلة، فتقل الرغبات ويؤدي إلى تعطيله بلا شك، كما أفتى به الطنبداوي. (مسألة): دار موقوفة خربت فأراد القاضي تأجيرها من الموقوف عليه للعمارة، فالذي يظهر جواز ذلك لا يقال: هو ملك للمنفعة فكيف يؤجر عليه ملكه، لأنا نقول: هذه المدة يؤجر فيها للعمارة كأنها مستثناة من استحقاق الموقوف عليه المنفعة. (مسألة): له عناء محترم في أرض وقف زادت به قيمتها كزبر وتطييب، فهو شريك بما زادت به من الزبر وغيره بالتراب الذي استولى عليه مما ساقه الماء من الجبل إليه، فليس للناظر أن يؤجرها غير صاحب العناء ولا يرفع يده، فلو تعدى شخص وحرثها وجب على من له ولاية رفع يد الباسط، وعليه أجرتها مدة بسطه، ولعموم البلوى بهذه المسألة أفردتها بمصنف سميته: مزيل العناء في حكم ما أحدث في الأراضي المرزوعة من العناء. (مسألة): أرض موقوفة على مساجد تعطلت وخربت وقلت رغبة الناس فيها، فأجرها الناظر بقدر خمس غلتها وهو أجرة المثل في ذلك الزمان، ولم يوجد راغب بأكثر من ذلك، وأذن لمن عمرها أن يكون ما صرفه وزاد في ثمن الأرض ديناً متعلقاً برقبة الوقف، ورأى المصلحة في ذلك، كانت الإجارة صحيحة وإذنه أيضاً صحيح، فيكون الأجير شريكاً بمقدار ما زادت به الأرض، فإذا مضى على التأجير بالقدر المذكور نظار متأهلون للنظر، ورأوا أن ذلك هو الأصلح للوقف، ثم جاء من بعدهم من النظار وأرادوا نقض ما فعلوه وطلب الزيادة في الأجرة المذكورة وهو يؤدي إلى تعطيل الوقف أو تقليل الرغبات فيه فليس لهم ذلك. (مسألة): لا يصح تأجير الوقف إلا من الناظر له، سواء كان عاماً كالوقف على الفقراء مطلقاً أو خاصاً كذرية زيد، هذا إن كان للاستغلال، فإن وقف على ذريته مثلاً لانتفاع الموقوف عليهم مطلقاً أو زاد بما شاء، فله الانتفاع بنفسه أو بغيره، وله تأجير حصته المدة الطويلة بدون أجرة المثل، وتنفسخ بموته، ويرجع المستأجر في تركة المؤجر لا على الموقوف عليهم كما هو في محله، وأما تأجير الناظر الوقف بطريق النظر فلا يصح بدون أجرة المثل، بل يجب عليه الاحتياط في الأجرة والمدة، فلا يؤجر إلا بأجرة المثل فأكثر من مليء غير مماطل ولا متغلب، وإذا أجر شيئاً ولا يعرفه المعرفة التامة المعتبرة شرعاً لم يصح، بل طريقه التوكيل. (مسألة): وقف على ذريته وجعل النظر له، ثم للأرشد من ذريته، ثم الحاكم، فأجره الحاكم عند فقد الأرشد مدة ثم مات، لم تنفسخ الإجارة بموته، وإنما تنفسخ بموت البطن إذا جعل الواقف النظر لكل بطن في حصته. (مسألة): مما عمت البلوى به أن مستأجري أرض الوقف أو الأملاك يحرثونها ويزبرونها بترابها، ثم يزرعونها وينتفعون بها انتفاعاً مساوياً للزيادة الحاصلة بسبب الحرث، فإن كان بإذن شاركه بزيادة القيمة وإلا فلا. (مسألة): استأجر أرضاً مائة سنة ثم اشتراها ومات المؤجر، ثم ظهرت بينة بوقفية الأرض بطناً بعد بطن، وأن النظر لكل بطن لكن لم يصرح الواقف لكل بطن في حصته، وظهر أيضاً أن المؤجر حال تأجيره كان مستحقاً للوقف ناظراً عليه عاملاً بشرط الواقف، تبين بذلك بطلان الشراء، ولا تنفسخ الإجارة بموت المؤجر، فإذا حكم حاكم شافعي بصحة التأجير المذكور لم ينقض حكمه. (مسألة): أجر الناظر الموقوف المستحق المنفعة مائة سنة بدون أجرة المثل، ومات الشهود إلا واحداً، ودلت القرائن على ذلك، ومات المؤجر، وانتقل النظر والاستحقاق إلى من بعده، فينبغي للقاضي أن يحكم الشاهد الموجود ليحكم بعلمه إن رأى المصلحة في ذلك وخاف اندراس الوقف، فإذا حكم انفسخت الإجازة بموت المؤجر. (مسألة): له يد على أرض بوجه شرعي، وله عناء محترم فيها، فليس للناظر إجباره على أخذ قيمة العناء ويؤجرها لغيره إن رغب بأكثر من أجرة المثل إذا كان صاحب العناء ملياً باذلاً غير مماطل لما في ذلك من تفويت مال محقق في مقابلة مصلحة متوهمة، نبه عليه البلقيني في نظير ذلك، ولصاحب العناء غرض صحيح في إبقاء عنائه، بل ربما كان الإبقاء أصلح للوقف من تسليم قيمته إلى صاحب العناء، لأنه يزول بمضي الزمان، ويندرس بالاستعمال وسفّ الريح فلا يبقى، وحينئذ فلا يحتاج الناظر إلى تسليم شيء من قيمته بعد اندراسه. (مسألة): انقضت مدة الإجارة في الأرض الموقوفة وله عناء محترم، وهي مشغولة بشجر الحور، فليس للناظر قلعه وتغريم الوقف أرشه، ولا رفع يد المستأجر، بل يبقيه بأجرة المثل. (مسألة): نقل على آخر أرضاً سلطانية بمال معلوم، ونذر له بجميع ما يستحقه فيها من عناء ونحوه، فإن كان العناء محترماً وزادت به قيمتها ملكه بالنذر، فليس لأحد الانتفاع بالأرض بغير إذنه، وليس للناظر أن يؤجر الأرض قبل تسليم العناء للمنذور له على المعتمد، فلو سفحها الناذرحوراً بغير إذن المنذور له فله طلب قلعه، فإن رهنه الناظر فإن كان له قيمة بتقدير أنه مستحق القطع صح الرهن وإلا فلا. (مسألة): استأجر أرضاً موقوفة، فادعى آخر أن له فيها عناء محترماً لم تسمع دعواه على المستأجر، لا لإقامة البينة ولا لإقرار المدعى عليه، إذ لا يثبت العناء بإقراره، فحينئذ لو أقرّ المستأجر بالعناء لم يطالب بقيمته، ولا تبطل الإجارة لتعلق حق الوقف والناظر بالإجارة. (مسألة): استأجر أرضاً مدة معلومة واستغلها، ثم استأجرها ثانياً ثلاث سنين على إصلاح ثلاثة أسهم للمؤجر وسهم للمستأجر، وعلى كل حصته من البذر كما يفعله الرعايا فاستغلاها كذلك ثم استحق بعض الأرض، غرم المستأجر المثل للمدة الأولى، ولا يرجع على المؤجر بشيء، لأنه فوت المنفعة باستغلاله، بل يرجع عليه بما دفعه له لعدم صحة الإجارة، وغرم أجرة المثل للمدة الثانية، ورجع بثلاثة أرباعها فقط لاستيفائه منفعة الأرض بنصيبه في الربع، واستيفاء المؤجر منفعة الثلاثة بسبب نصيبه، وكأنه استعان بالمستأجر وهو جاهل. (مسألة): عناء محترم بين شخصين أرباعاً في أرض سلطانية زادت به قيمتها، فزرع كل بقدر ما يستحقه تخميناً، رجع صاحب الثلاثة الأرباع على الآخر بثلاثة أرباع أجرة مثل الثلاث، ورجع الآخر عليه بربع أجرة مثل ثلاثة أرباع العناء. (مسألة): له على آخر دين معلوم من الذرة، فما طالبه به أذن له أن يزرع أرضه ويأخذ دينه منها، فزرعها الدائن وبذرها ببذره، كان جميع الغلة لصاحب البذر، ولزمه أجرة مثل الأرض لصاحبها والدين بحاله. (مسألة): استأجر أرضاً سنتين، فحرثها وأقام جسرها للسقي، فلما وقع الماء في الجسر كسره المؤجر، فرسبت الأرض لكونها لم تسق بدون ذلك، ثم عمل المستأجر للسنة الثانية كذلك فكسره المؤجر ثانياً، فحكمه على المختار من أن من منع غيره ظلماً من سقي أرضه كما عمت به البلوى يلزمه أجرة الأرض مسقية مدة الانتفاع بها لو سقيت بذلك الماء، كما أفتى به الرداد وغيره، إنا هنا نقول: قد حال المؤجر بين المستأجر وبين استيفاء المنفعة، فتنفسخ الإجارة من حين الكسر لا فيما قبله، ويسقط ما يقابل ذلك من الأجرة، ويضمن الكاسر ما أتلفه من الجسر، ويصير المستأجر شريكاً في الأرض بما زادت به قيمتها. (مسألة): استأجره على تعليم أولاده القرآن، فتعلموا نصفه وخرجوا ولم يرجعوا، استحق قسطه من المسمى باعتبار أجرة المثل، فإن كانت أجرة ما علمهم مثل أجرة ما لم يعلمهم استحق نصف المسمى أو ثلثيه فثلثاه وهكذا. (مسألة): استأجر أرضاً ثم أجرها غيره، ثم تقايل هو والمؤجر الأوّل لم تنفسخ إجارة الثاني ويدفع الأجرة لمؤجره، ويرجع المؤجر الأوّل على المستأجر الذي وقعت معه الإقالة بأجرة المثل، لأن الإقالة هنا كالمصادرة بعد التلف قرره البلقيني. (مسألة): أجر الناظر أرض الوقف بأجرة المثل، ثم وجد راغب بزيادة لم يمكن تأجيرها قبل انقضاء الأولى ولو بعد تولي ناظر آخر. (مسألة): استأجر أرضاً فعناها، ثم تممها المؤجر بصيبه من غير إذن المستأجر صار مستولياً عليها، فتنفسخ الإجارة في المدة التي استولى عليها، وعليه للمستأجر قيمة عنائه وهو ما زادت به قيمة الأرض. (مسألة): استأجر أرضاً وحرثها وأصلحها، ثم حدث فيها مطر كثير أعشبت منه الأرض عشباً نقص منفعتها نقصاً تتفاوت به الأجرة، كان ذلك عيباً مثبتاً للخيار، بل المطر وحده إذا كثر ونقص منفعة الأرض النقص المذكور كان عيباً، فإن أجاز فبالمسمى، وإن فسخ بعد مضي مدة لها أجرة لزمه قسط الباقي من المسمى بحسب أجرة مثل المدتين لا على قدرهما إن اختلف. (مسألة): أرض سلطانية بين شخصين أثلاثاً، أجر أحدهما الأرض كلها بغير إذن أخيه لم يصح في حصة أخيه، بل ولا في حصته أيضاً لعدم ملكه المنفعة، وقد عمت البلوى في الباسطين على الأراضي السلطانية من غير استئجار أنهم يؤجرونها من غير إذن لهم في الإيجار، وذلك مما يجب إنكاره. (مسألة): لا يكفي تسليم الضرائب في الأراضي الموقوفة على نحو المساجد، بل ينظر في المستولي عليها، فإن كان يستأجر الأرض من ناظرها بأجرة مسماة لمدة مسماة فعليه المسمى الذي استأجر به وإن كان لا يستأجرها من الناظر وإنما هو باسط عليها، كغالب حراث أراضي الوقف المستولين عليها استيلاء الملاك، فيجب عليهم لكل مدة أجرة مثل أعلاها منفعة، إذا كانت الأرض مما ينتفع بها لمنافع متعددة، وأما الاقتصار على الضرائب الناقصة عن أجرة المثل فبعيد عن قواعد الشرع، لأن ذلك مؤدّ إلى أن الواقف وقف على المسجد والحارث وذلك لا يقصده الواقفون، وإنما جازت الضرائب في أرض السواد، لأن ذلك لمصالح المسلمين العامة، وما نقل أن العلماء والقضاة المتقدمين فعلوا ذلك فلا إخال ذلك يثبت عنهم بطريق معتبر شرعاً، وعلى تقدير ثبوته عنهم فيجب حمله صيانة لمنصبهم عن المخالفات، على أن ذلك هو أجرة المثل، وبالجملة ففي الأوقاف مفاسد غفلت عنها الحكام وولاة الأمور فالله يصلح الكل. (مسألة): توفي شخص وله عناء محترم في أرض موقوفة وعليه ديون، فالعناء المذكور بمنزلة العمارة التي هي من وظائف الناظر في ذلك الواجب تقديمها على أرباب الوظائف، بل على الموقوف عليهم، إذا علمت ذلك فيأخذه الناظر بقيمته ليصير وقفاً على الجهة بطريق التبعية، ولا يحتاج إلى إنشاء وقف لذلك، ولا يصح بيع العناء منفرداً لا للغرماء ولا لغيرهم، فإن أحدث المستأجر العناء من تراب أجنبي جاز بيعه. (مسألة): القول قول القصار والصباغ والصائغ والحائك في الرد على المالك بيمينه. (مسألة): استأجر أرض الوقف مدة، فلما طولب بالأجرة ذكر أن معه في الأرض صاحب وبعاق وجائحة ومضرة، وطلب حط شيء معلوم من الأجرة، أجابه الناظر إلى ما يؤدي إلى توفر الرغبات، فإن مطالبته بجميع الأجرة تقلل الرغبات وتنفر عن استئجارها، بحيث تؤدي إلى تعطيلها، وفي كلام السبكي وابن الخياط إشارة إلى ذلك. (مسألة): استأجر أرضاً على أنها قد سقيت واستوفت سقيها فعناها المستأجر وبذرها، فلم ينبت البذر لعدم سقيها ثبت له الخيار، فإن فسخ لزمه أجرة حصة ما مضى من المدة، ورجع بما غرمه فيها إذا بان كذب المؤجر. (مسألة): أجر نفسه من آخر ليخدمه، وحكم بصحة الإجارة قاض شافعي، ثم في أثناء المدة أقرّ بدين حال لآخر فرفعه إلى قاض حنفي فألزمه تسليمه فامتنع، لم يتمكن الحنفي من حبسه وإن كان يرى حبسه، لأنه نقض لحكم القاضي الشافعي، وقد ذكر أبو زرعة في رسالته في الحكم بالموجب والحكم بالصحة، أن ما كان من الأحكام المختلف فيها قد جاء وقت الحكم به كهذه المسألة ومسألة حكم الحنفي بمنع بيع المدبر نفذ الحكم ولا ينقض وما لم كمسألة تعليق طلاق أجنبية على تزويجها إذا حكم بموجبه مالكي أو حنفي لم يُنفد. (مسألة): استأجر أرضاً للزراعة فتعذر سقيها أو أنه تخير، فإن فسخ شارك بعنائه، وإن لم يفسخ حتى مضت المدة وجب المسمى، فإن عناها عناء زادت به قيمتها تقاصا، فإن زاد لأحدهما شيء أخذه من صاحبه، وإن استأجر أرضاً على إصلاح سهمين بسهم ومضت المدة ولم تسق وله عناء مشارك بالزيادة، وإن سقيت ومضت المدة وفيها أصول حور مشترك بينهما تخير صاحب الأرض بين قلعه وغرم نقصه وإبقائه بأجرة المثل، وتملك حصة الشريك بقيمتها، فإن انتفع المستأجر بعنائه فتلف بالانتفاع فلا شيء له. (مسألة): يصح الاستئجار للخدمة، وتحمل إن أطلقت على المتعارف في الأجير والمستأجر، فلو نذر المستأجر للأجير كأن قال: نذرت لله عليّ أنك متى خدمتني مدة الإجارة على أن أنذر لك بقدر أجرة مثلك، لم يصح النذر لأن فيه شبه المعاوضة، إذ جعله في مقابلة الخدمة، والنذر لا يقبل العوض إلا من الله تعالى، والطريق في صحته أن يقول: إن عافاني الله إلى انقضاء مدة خدمتك لي فلله عليّ لك كذا. (مسألة): الزبر داخل في مسمى الأرض، فإذا استأجر شخص أرضاً كل أربع معاود بالمعاد الشرعي بمد طعام مثلاً، كان قرار الزبر داخلاً في الزرع محسوباً على المستأجر. (مسألة): إذا كان لجماعة عناء محترم في أرض موقوفة، فأذن الناظر لأجنبي أن يعمر تلك الأرض، فليس له أن يحدث عناء فوق المذكورين بغير رضاهم، ولا يكفي إذن الناظر، فإن فعل فعناؤه غير محترم. (مسألة): استأجر أرضاً للبناء من ناظر بيت المال وبنى فيها، ثم باع الناظر الأرض من غيره، فإذا انقضت المدة خير المشتري بين القلع وضمان الأرض والتملك بالقيمة والتبقية بأجرة المثل. (مسألة): استأجر حمالاً على حمل معلوم إلى محل كذا لم يلزمه الخروج معه وإن قصده أولاً معه، ويلزم الأجير إيصال ما استؤجر عليه، فإن امتنع المستأجر من تسليم ذلك حتى مضى زمان إمكان ذلك استقرت الأجرة وليس له الفسخ بلا عذر. (مسألة): استأجر داراً للسكنى وبجانب بعض جدرانها تنور قديم لأجنبي، فليس للمستأجر مخاصمة صاحب الجدار بكون التنور يضر الجدار، لأن مستحق المنفعة بنحو وقف وإجارة لا يخاصم على المعتمد، لا سيما إن انضم إلى ذلك حضور المالك وعلمه وقدم التنور. (مسألة): استأجر سفينة لحمل متاع إلى بندر معين، فلما سافر بان فيها خلل، فرمى بعض الحمل عند إشرافها على الغرق رجاء للسلامة، ثم زاد الخلل وخيف تلفها، فدخل إلى بندر آخر لتعذر الوصول إلى البلد المعين، انفسخت الإجارة، ولزم المستأجر قسط الماضي من المسمى موزعاً على قيمة المنفعة باعتبار وقت العقد. (مسألة): استأجر أرض وقف وبنى بها وسكنها، ثم قبل انقضاء المدة أثبت آخر أنه استأجرها قبل هذا، بان فساد الإجارة الثانية، وقلع بناءه مجاناً، ولزمه تسليم الأجرة إلى الناظر لا إلى المستأجر الأول، ويرجع الأول بقسطه من الأجرة المذكورة على الناظر. (مسألة): آجر أرضاً من آخر، وشرط في صلب العقد أن يدخله شريكاً بالثلث حيث لم توافقه الإجارة فسد العقد. (مسألة): استأجر أرضاً موقوفة من ناظرها، ثم أثبت شخص بعناء يملكه فيها، وطلب من صاحب الزرع بيعه أو قلعه، لم يجب إلى ذلك، بل على الناظر الإبقاء بالأجرة، وإنما جاز طلب القلع في الأملاك، لأن المالك لا يتعين عليه أن يفعل لنفسه الأصلح، والناظر يلزمه ذلك وعليه لصاحب العناء أجرة مثل عنائه. (مسألة): استأجر أرضاً مدة طويلة ثم اشتراها، ثم ثبت بعد موت المؤجر أنها وقف وأنه مستحق النظر من جهة الواقف، بان بطلان البيع، وأما الإجارة فإن كانت بأجرة المثل حال العقد وظهر أن في التأخير تلك المدة مصلحة ظاهرة للوقف بأن كان حال عقد الإجارة دامراً أو مخرّباً، وكان التأجير سبباً لعمارتها، وشهد بذلك أهل الخبرة فصحيحة ولا تنفسخ بموت المؤجر. (مسألة): دفع لآخر ثورين استأجره على العمل بهما في أراض معلومة للمالك ولغيره بأجرة معلومة يأخذها من الغير ويسلمها للمالك، ثم بعد مدة ادعى الأجير أنه عمل بهما للمالك في أراضيه مدة، وعمل لغيره بأجرة دفعها لأم المالك بإذنه، لم يثبت له من دعواه شيء، بل لا بد من بينة على العمل في أرض المالك وعلى الإذن في الدفع لأمه، فإن عجز فالقول قول المالك بيمينه. (مسألة): أرض موقوفة تعطلت قناتها وعجز حارثوها عن سقيها من غير قناتها، فأراد الناظر أن يؤجرها من آخر قادر على سقيها من قناتها أو غيرها، فطريقه أن يرضي صاحب العناء في عنائه ثم يؤجرها من غيره، فإن امتنع عن قبول ثمن عنائه وعجز عن سقيها أجرها بإذن الحاكم، ولصاحب العناء أجرة عنائه من أجرة الأرض.
|